من الحيوانات التي ذكرها الله في القرآن في موضع القصص الحوت، وقد تشرف بذكر اسمه مفرداً مع ذكر ثلاثة من الأنبياء وهم يونس وموسى واليوشع عليهم السلام وذكر جمعاً واحدة.
الحوت يقول عنه الدميري في كتابه “حياة الحيوان” بأنه سمك وجمعه أحوات وحوتة وحيتان.
ثم يمضي قائلاً: وروينا بالسند الصحيح عن سعيد بن جبير أنه قال: لما أهبط الله آدم إلى الأرض لم يكن فيها غير النسر في البر والحوت في البحر، وكان النسر يأوي إلى الحوت فيبيت عنده، فلما رأى النسر آدم عليه السلام أتى الحوت وقال: يا حوت لقد أهبط اليوم إلى الأرض من يمشي على رجليه ويبطش بيديه، فقال الحوت: لئن كنت صادقاً فمالي منه منجى في البحر، ومالك مخلص منه في البر، هكذا رواه الدميري ولم يخرجه.
وفي صحيح مسلم أن اليهود سألوا الرسول عن تحفة أهل الجنة فقال: زيادة كبد الحوت.
إذن الحوت حيوان عريق وله تاريخ ممتد ما دام يضرب إلى ما قبل آدم وبعد آدم وإلى يومنا هذا ثم إلى الجنة.
ويكفيه شرفاً ان القرآن خلده مع الأنبياء، والحوت بالأخص لم يكن مرافقاً ولا مأكلاً لهم بل كان وعاء ومسكناً لنبي الله يونس عليه السلام.
فنبي الله يونس عندما التقمه الحوت أوحى الله إليه وقال له: إني لم أجعل لك يونس رزقاً تأكله، وإنما جعلت بطنك له حرزاً وسجناً قال تعالى: “وإن يونس لمن المرسلين، إذ أبق إلى الفلك المشحون، فساهم فكان من المدحضين، فالتقمه الحوت وهو مليم” الآيات من 139 إلى 1942 من سورة الصافات.
يروي التاريخ ان يونس أرسله الله إلى أهل نينوى بالعراق ليدعوهم إلى التوحيد، فدعاهم برهة فلم يستجيبوا في البداية فظن أنه فعل ما عليه، فتركهم مغاضباً وكأنه استعجل ولم ينتظر إذن ربه، فذهب إلى ساحل البحر فوجد سفينة فركبها.
وبعدما تحركت السفينة واجهت أهوالاً، فاقترحوا ان يخففوا من حمولتها بالاقتراع، وكان في كل مرة يخرج اسم نبي الله يونس، فلم يجازفوا به في البداية لكنهم اضطروا أخيراً فألقوه في البحر فالتقمه الحوت.
يقول المفسرون مثل عطاء والسدي والضحاك والشعبي بأنه بقي في بطن الحوت ثلاثة أيام أو سبعة أيام أو عشرين يوماً أو أربعين يوماً أو يوماً واحداً، فالمهم ان الحوت لفظه بعد ذلك إلى العراء ليعيش فترة تحت شجيرة اليقطين قال تعالى: “فلولا انه كان من المسبحين، للبث في بطنه إلى يوم يبعثون، فنبذناه بالعراء وهو سقيم، وأنبتنا عليه شجرة من يقطين، وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون، فآمنوا فمتعناهم إلى حين” الآيات من 143 148 من سورة الصافات.
وبالمناسبة فإن القرآن سمى الحوت نوناً أيضاً، قال تعالى: “وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه، فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين” الآيتان 87 و88 من سورة الأنبياء.
وورد عن الرسول ان أول شيء خلقه الله القلم، فقال له اكتب فقال وما أكتب؟ قال القدر، فجرى من ذلك اليوم بما هو كائن إلى يوم الساعة، قال وكان عرشه على الماء فارتفع بخار الماء ففتقت منه السماوات، ثم خلق النون فبسط الأرض عليه، فالأرض على ظهر النون، فاضطرب النون فمالت الأرض فأثبتت بالجبال، وإن الجبال لتفخر على الأرض رواه الحاكم.
وقد ورد ان الحوت مشى بيونس وهو في بطنه يطوف البحار ثم ألقاه في نصيبين من ناحية الموصل.
وهناك نبذه في أرض لا شجر فيها ولا معلم، وهو كالفرخ الصغير لا يقوى على شيء، فأنبت عليه اليقطين. ويقول الدميري وخاصية اليقطين أنه لا يقربه الذباب. والله أعلم