لم يثنه تقدمه بالسن عن طلب العلم وتجشمه الكثير من الصعاب بسبب ذلك حيث ألتحق بالجامعة وهو يناهز السبعين ، وقصة كفاح هذا المسن مثيرة بكل تفاصيلها فهو إضافة لما يعانية في هذا السن كطبيعة البشر الذين يصلون لهذا العمر آلا أنه تحمل أعباء أخرى كثيرة يأتي في طليعتها تردده اليومي من بلدته ( النمرية ) التي هي إحدى هجر منطقة القصيم والتي تبلغ مسافة بعدها ذهاباً وإياباً ( 500 كم ). عموماً لم نشاء أن نطيل عليك قارئنا العزيز في هذه الديباجة ودعنا نتصفح طموحات وشجون هذا الرجل الذي ضرب مثالاً يحتذي في طلب العلم.إنه الطالب موسى بن ثواب الحربي. والذي بادرنا بأول كلامه بأنه يشكر كل من احتفى به في هذا اليوم الذي قابلناه فيه فقد التف حوله الجميع وهو يقوم بالخطوات الأولى من التطبيق العملي في المدرسة التي وجه إليها وشعر بسعادة كبيرة وهو يشرح لطلابه أمام مدير عام تعليم القصيم الأستاذ صالح التويجري الذي احتفى به حفاوة بالغة كما يقول الحربي. بعد ذلك سألنا الطالب موسى الحربي عن الدافع الحقيقي من دراسته الجامعية في هذا العمر.. قال أنه لا يهدف البتة من ذلك طلباً لأمور الدنيا فهو قد تجاوز السن النظامية للوظيفة بـ ( 15) عاماً. ولكنه راوده طلب العلم والاستزادة من ذلك، واستطرد .. أنه رغم جمعه للكتب والإطلاع على كل ما تحويه بين طياتها إلا أن ذلك لم يطفئ غليله ورأى أن التعليم النظامي سوف يفتح له آفاقاً أوسع وأكبر . ويذكر موسى أنه عندما قرر الدراسة ومواصلة تعليمه بدأ بالمرحلة الابتدائية وحازها بنظام السنة الواحدة ثم ارتحل إلى منطقة مكة المكرمة ودرس في متوسطة وثانوية الحرم لينال بعد ذلك الشهادة التي فتحت له باب طموحة الكبير وهو دخول الجامعة. وبشأن تردده اليومي إلى الجامعة في بريدة من بلدته النمرية في أطراف القصيم.. قال: رغم أنه يتردد يومياً من والى الجامعة ذهاباَ وإياباً لمسافة خمسمئة كيلو متراً إلا أن فرحته بدخول الجامعة وهو الآن في المستوى الأخير منها وعلى أبواب التخرج – يقول – أن ذلك ينسيه كل متاعبه. ويشير بأنه يتمنى إضافة لطموحه التعليمي بأن يكون قدوة لبعض الشباب المتقاعسين في طلب العلم، فالعلم _ كما يقول – ليس محصوراً بسن معين بل مفتوح على الدوام تبعاً لمقولة ( العلم من المهد إلى اللحد ). .. وفي الأخير فقد كان يحدونا أمل بأن نسترسل مع هذا الرجل في سرد تفاصيل طموحاته في هذا العمر ولكن حال بيننا وبينه حلول وقت حصته التالية في التدريس التي يتوق إليها بشكل لا يمكن وصفه. .. بقي أن نشيد بكل ما فعلة مدير عام تعليم القصيم من حفاوة بهذا الرجل بلغت مبلغها من التقدير، وكذلك من جميع منسوبي مدرسة فلسطين الابتدائية التي يطبق فيها، ونعتب في نفس الوقت على جامعة القصيم التي لم تحتفي بهذا الرجل الذي يستحق الإشادة والتكريم من قبل الجامعة ولكن لعل ذلك يكون عند تخرجه القريب إن أسعفه العمر . منقول من منتيات فهد المساعد